الملك الحكيم

   أراد أحد الملوك أن يزور مدينةً من مدنه ليتفقّد أحوال أهلها، فعرف وجوه تلك المدينة وأغنياؤها خبر الزيارة، فعقدوا اجتماعًا في الندوة العموميّة وتبرّعوا بأموال طائلة لتكريم الزائر وتزيين الطرق التي سيمرّ فيها الملك، واستودعوا المال محافظ المدينة الذي عُيّن للإشراف على الاستقبال وتنظيم الحفلات وإنفاق المال وفقًا لما يقتضيه إكرام الضيف الكبير.

   وبلغ الملك ذلك، فبادر من ساعته، وكتب إلى محافظ المدينة رسالة أمره فيها بعدم إنفاق شيء من المال المجموع في سبيل التكريم.

  وفي اليوم الثاني زار المدينة كما يزورها عامّة الناس، وكلّف الخبراء في شراء أرض وبناء مستشفى لإيواء المرضى الفقراء، وأمر المحافظ أن يُنفق المال المودوع عنده في سبيل العمل الخيريّ.

   وبعد بضعة أشهر، شُيّد المستشفى، ولم يذهب المال سُدىً إذ خفّف عن البائسين آلامهم وأزال عنهم خطر الأمراض، وازداد الملك الحكيم احترامًا في أعين رعاياه.

                                      يوسف س. نويهض